الطيور هي آخر الديناصورات الباقية! ما مدى صحة هذه النظرية؟

بقلم: ضحى نبيل

منذ أكثر من 200 مليون عام كانت الديناصورات هي الكائنات المسيطرة على وجه كوكب الأرض بأكمله، فكانت تنتشر في كل مكان وتتنوع في أشكالها وأحجامها حتى أنها وصلت إلى 1000 فصيلة مختلفة تتراوح أطوالها بين أقل من متر واحد وحتى 40 مترًا، أي أطول من حافلتين ضخمتين! وظل الوضع مستمرًا على هذه الحال حتى طرأ حدث جلل على الكوكب غير ملامحه إلى الأبد، ولعلك تعلم النهاية المنطقية لتلك القصة، لكن دعنا نتحدث عن الجانب غير الشائع منها.

منذ 66 مليون عامٍ ضرب نيزك كبير سطح الأرض وأحدث الكثير من الفوضى التي تسببت بالإطاحة بالعديد من أشكال الحياة عليها، إلا أن ما حدث لا يرجع سببه إلى النيزك فحسب، بل أيضًا ما تلاه من انفجارات بركانية ضخمة زادت الأمر سوءً ونشرت سحابة كثيفة من الرماد حالت دون وصول ضوء الشمس إلى الأرض لمدة طويلة، فقلت موارد الغذاء بشكل ملحوظ كذلك، وكانت الديناصورات الضخمة من بين ضحايا هذه السلسلة من الكوارث الطبيعية.

مهلًا، هل يعني ذلك أن هناك ديناصورات أصغر في الحجم نجت من الانقراض؟ هذا ما يراه بالفعل جزء كبير من العلماء، حيث يفترضون أن فصيلة معينة من الديناصورات تمكنت من النجاة والتغلب على ظروف المعيشة الصعبة جدًا يطلق عليها اسم «الديناصورات الشبيهة بالطيور» (Avian Dinosaurs).

لماذا كانت الديناصورات الشبيهة بالطيور الناجية الوحيدة من موجة الانقراض؟

لأن حجمها أصغر بكثير من باقي الديناصورات، لذا تتكاثر بشكل سريع وتتأقلم على الظروف المحيطة، كما أنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الطعام في ظل نقص الموارد الشديد، ولا تعتمد على نوع غذاء واحد، حيث تتناول أنواعًا مختلفة من الغذاء كالحبوب والحشرات والأسماك والأعشاب وغيرها.

الأهم أنها تستطيع الطيران، أي أنها ستحاول أن تنجو بنفسها من أي حدث طارئ أسرع من الديناصورات الأرضية.

هل نملك أدلة تُثبت أن الطيور حفدة الديناصورات؟

هناك الكثير من الحفريات التي تؤكد الصلة بين الديناصورات والطيور وكان «الأركيوبتيركس» (Archaeopteryx) أولها في الظهور، فهو كائن هجين يعتقد العلماء أنه كان قادرًا على الطيران حيث أن له جناحين يغطيهما الريش لكنه يملك أيضًا أسنانًا وذيلًا عظميًا طويلًا كباقي الديناصورات، عاش منذ نحو 150 مليون سنة وكان حجمه صغيرًا حيث بلغ طوله 50 سنتيمترًا ووزنه كيلو جرامًا واحدًا.

عُثِرَ على حفرية أخرى في شمال الصين لطائر آخر وهو «كونفوشيوسورنيس» (Confuciusornis) والذي يُعتقد أنه عاش منذ نحو 125 مليون سنة. كان يملك منقارًا وريشًا طويلًا على ذيله، حتى أن بعض الأبحاث أشارت إلى أنه يحتوي على عظام ما في جسمه لا توجد إلا في أنثى الطيور البالغة!

إذا كانت الطيور هي ديناصورات في الأصل، فإلى أي فصيلة تنتمي؟

إذا سمعت عن «التيرانوسورس ريكس» (Tyranosaurus Rex)، ملك السحالي وواحد من أقوى الديناصورات على مر التاريخ وكانت تخشاه جميع الحيوانات، فهذا هو الجد الأكبر للطيور التي تراها كل يوم! فهم ينتمون إلى مجموعة الديناصورات ذات القدمين والتي يطلق عليها «الثيروبودات» (Theropods)، وينتمي إليها أيضًا ديناصور «الفيلوسيرابتور» (Velociraptor).

إذًا كيف تقلصت تلك الديناصورات العملاقة لتصبح في النهاية طيورًا صغيرة؟

يعتقد العلماء في حدوث بعض التغيرات الجينية في فصيلة «الثيروبودات» والتي تسببت في ظهور الصفات الجديدة واحدة تلو الأخرى، حتى أن بعض الدراسات رجّحت أن بعض الخصائص المميزة للطيور كوجود الريش مثلًا على جسم الديناصورات بدأت في الوجود قبل ظهور الطيور بفترة كبيرة. وقد عُثِرَ في تسعينيات القرن الماضي على حفريات عديدة في الصين لديناصورات بلا أجنحة لكن يغطي الريش أجزاء من جسمها!

في الواقع لم يكن هذا التطور سريعًا على الإطلاق بل استغرق ملايين السنين، فحسب تقديرات العلماء اكتسبت هذه المجموعة من الديناصورات صفات الطيور كالريش والأجنحة والقدرة على الطيران واحدة تلو الأخرى على مدار 10 ملايين عام ثم بعدها بدأت الطيور بالظهور حتى وصلت إلى شكلها المعاصر.

في وقتنا هذا يوجد أكثر من 11 ألف فصيلة مختلفة من الطيور من نسور وصقور وعصافير وحتى نعام وبطاريق وغيرها، بعضها يطير وبعضها لا يستطيع، لكنها جميعًا منتشرة في شتى بقاع كوكب الأرض، وكل فصيلة تتكيف بطريقة مذهلة مع البيئة المحيطة بها، مما يجعلنا نتعجب حقًا من أوجه الشبه بينها وبين أسلافها!

المصادر

https://www.scientificamerican.com/article/how-dinosaurs-shrank-and-

became-birds/

https://www.nhm.ac.uk/discover/why-are-birds-the-only-surviving-

dinosaurs.html

https://www.birdlife.org/news/2021/12/21/its-official-birds-are-literally-dinosaurs-heres-how-we-know/

https://www.livescience.com/are-birds-dinosaurs.html

Exit mobile version