العلاج بالأعشاب: حقيقة أم وهم؟
بقلم : خالد عبد القادر
كيف بدأت موجة العلاج بالأعشاب؟
ظهر مصطلح العلاج بالأعشاب على الساحة منذ فترة ليست بالقليلة، وظهر معه عدد من الأشخاص الذين ادعوا أن لهذه العقاقير تأثير السحر على كافة الأمراض دون آثار جانبية تذكر، وقام بعدها مجموعة من المتخصصين بمواجهتهم ونجحوا في كبح جماح تلك الموجة التي كادت أن تودي بصحة وحياة عدد غير قليل من الأشخاص.
وعلى الرغم من اتجاه هيئة الدواء المصرية -وهي الهيئة التي تتولي تنظيم وتسجيل وتداول ورقابة المستحضرات والمواد الخام التي تدخل في تصنيعها- إلى إصدار قوانين صارمة لتنظيم تسجيل المستحضرات بشكل عام والأدوية العشبية بشكل خاص، إضافة إلى نشر حملات توعية ضد استخدام أي أدوية أو مستحضرات غير معلومة المصدر، إلا أنه ما زالت هناك بعض المصادر التي تتداول هذه المنتجات، سواءً عن طريق الإعلانات في بعض القنوات التلفزيونية أو عن طريق التداول في عيادات بعض الأطباء، ولم تتم السيطرة عليها بشكل كامل.
ولكن في البداية، يجب أن نسأل ما هو تعريف الدواء العشبي وما الفرق بينه وبين المكمل الغذائي؟
تعريف الدواء العشبي واختلافه عن المكمل الغذائي
تُعرِّف «إدارة الغذاء والدواء الأمريكية» (FDA) الدواء العشبي على أنه المنتج المستخدم لتشخيص المرض أو التخفيف من حدته أو علاجه أو الوقاية منه، والذي يتكون من مواد عشبية من أصل نباتي أو طحلبي أو فطري من الأنواع التي تُرى بالعين المجردة أو تركيبات منها.
بينما تُعرِّف المكمل الغذائي بأنه منتج يؤخذ عن طريق الفم يحتوي على مكون مكمل للنظام الغذائي، ومن صفاته أنه لا يستخدم للتشخيص أو التخفيف من حدة الأمراض أو علاجها أو الوقاية منها.
ومن هنا نجد أن التعريفين مختلفان، مع الأخذ في الاعتبار أن المكملات الغذائية لها أيضًا محاذير، ولكن هذا ليس موضوع المقال.
أما تعريف «المفوضية الأوروبية» (European Commission للدواء العشبي، فيتمثل في أنه منتج دوائي يحوي مادة فعالة على هيئة مادة عشبية واحدة أو أكثر، أو واحد أو أكثر من المستحضرات العشبية، أو مزيج من الاثنين.
من هنا أيضًا نستنتج أن الدواء العشبي يهدف إلى علاج الأمراض وهذا لأنه يحوي مواد فعالة شأنه شأن أي دواء آخر يستخدم لعلاج أي من الأمراض الأخرى: كأدوية ارتفاع ضغط الدم وما شابه، ومن صفاته أيضًا وجود جرعات محددة له ومحاذير وموانع استعمال وآثار جانبية وتفاعلات دوائية وتعليمات أخرى مذكورة في النشرة الطبية المرفقة، والتي يجب اتباعها بحذر حتى وإن لم يخضع لوصفة طبية، كما يجب اتباع كافة إجراءات السلامة عند استخدامه.
أمثلة مشهورة عن فاعلية ومأمونية الأدوية العشبية
ولعل من أشهر الأمثلة لدينا هو زيت النعناع، الذي يحتوي على المادة الفعالة الشهيرة «المنتول» التي تستخدم في حالات الانتفاخ وعسر الهضم، والتي رغم أنها آمنة، إلا أنه لا يوصى باستخدام المستحضرات التي تحوي زيت النعناع عن طريق الفم للأطفال أقل من ١٢ سنة، وكذلك للصغار الذين تقل أوزانهم عن 40 كجم لأسباب تتعلق بالسلامة، ويُمنع استخدامه كذلك عند وجود أي مشاكل في المرارة، كما قد يتسبب زيت النعناع في تفاقم أعراض حرقة المعدة، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وفق ما ذكرته «وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية» (MHRA) في المملكة المتحدة و«وكالة الأدوية الأوروبية» (EMA).
محاذير واحتياطات عند استخدام الأدوية العشبية
ومن مخاطر استخدام الأدوية العشبية التي يتم جلبها من مصادر غير موثوقة، أنها لا تخضع لظروف التخزين السليمة مما يُعرِّض المواد الفعالة للتلف فيفقدها فاعليتها أو يحولها الي مواد ضارة، كما أن الأجزاء المستخدمة من النباتات الطبية والتي تؤدي التأثير المطلوب يجب أن تخضع للتحاليل ولمعايرة للمواد الفعالة الموجودة بها، وهذا وفق المواصفات المذكورة في دساتير الأدوية العالمية وهي: دستور الأدوية البريطاني (British Pharmacopoeia) (BP) أو دستور الأدوية الأمريكي (United States Pharmacopoeia) (USP) أو دستور الأدوية الأوروبي (European Pharmacopoeia) (EP) أو دستور الأدوية الياباني (Japanese Pharmacopoeia) (JP) (وهي دساتير الأدوية المعترف بها في هيئة الدواء المصرية) هذا بالنسبة للمواد والمستحضرات الدستورية. أما بالنسبة للمستحضرات غير الدستورية، فيجب أن توافق المواصفات التي يتم ذكرها من قبل المُصنّع والموثقة بمرجعية (In-House Specifications).
الخاتمة
نستنتج أن الأدوية العشبية هي أدوية آمنة وفعالة، لكن نوصي دائمًا بعدم استخدام أي مواد عشبية غير معلومة المصدر، والاتجاه دائما إلى الأدوية التي تحمل اعتماد وتسجيل هيئة الدواء المصرية -أو هيئة سلامة الغذاء في حال المكملات الغذائية- أو الجهة المسئولة عن الاعتماد في الدولة المنتجة للمستحضر؛ لأن هذا يضمن مرورها بكافة الاختبارات المذكورة أعلاه، إضافة إلى تحاليل أخرى لا يسعنا المجال لذكرها، مما يضمن وجود المادة الفعالة بشكل كامل وآمن ضمن الحدود المسموح بها، كما يوصى باللجوء إلى الطبيب أو الصيدلي عند الشك في وجود أي تعارض بين الدواء الذي تستخدمه وأية أدوية أخرى تستخدمها أو أي أمراض أخرى تعاني منها، والسؤال عند عدم فهمك لأي معلومة تتعلق باستخدام الدواء حتى وإن كان الدواء يُستخدم دون وصفة طبية (OTC)، وهذا عن طريق قراءة نشرة المعلومات الخاصة بالمريض التي تكون موجودة بلغة مبسطة يسهل على غير المتخصص فهمها، مما يضمن الحصول على دواء آمن وفعال دون التعرض لأي مخاطر.
المصادر
- EDA Web Site : https://www.edaegypt.gov.eg/
- FDA : https://www.fda.gov/about-fda/center-drug-evaluation-and-research-cder/what-botanical-drug
- European Commission: https://ec.europa.eu/health/medicinal-products/herbal-medicinal-products_en
- MHRA: https://mhraproducts4853.blob.core.windows.net/docs/074258aef8a026ec9128d155b1d85d3233483000
- EMA: https://www.ema.europa.eu/en/documents/herbal-monograph/draft-european-union-herbal-monograph-mentha-x-piperita-l-aetheroleum-revision-1_en.pdf
- EMA: https://www.ema.europa.eu/en/documents/scientific-guideline/guideline-specifications-test-procedures-acceptance-criteria-herbal-substances-herbal-preparations/traditional-herbal-medicinal-products-revision-3_en.pdf