جائزة نوبل والنقاط الكمومية
بقلم: أحمد علاء الدين نوح
أعلنت لجنة الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2023 لكلٍ من «مُنجي باوندي» (Moungi Bawendi) و«أليكسي إكيموف» (Alexey Ekimov) و«لويس بروس» (Louis Brus)، تقديرًا لجهودهم في اكتشاف وتطوير «النقاط الكمومية» (Quantum dots)، وهي جسيمات نانوية صغيرة جدًا لدرجة أن حجمها يحدد خصائصها، حيث يتراوح قطرها ما بين اثنين وعشرة نانومترات، وتتألف من مئات إلى آلاف الذرات.
تُصنَع هذه النقاط من أشباه الموصلات (كالسيليكون أو الجرمانيوم أو كبريتات الكادميوم أو الزنك)، وتكمن أهميتها في صغر حجمها الذي يُكسبها خصائص ضوئية وكهربائية فريدة من نوعها. وتُستخدَم تلك النقاط الكمومية في مصابيح «الصمامات الثنائية الباعثة للضوء» (Light-Emitting Diodes, LED) وشاشات التلفزيون، كما يمكن استخدامها أيضًا لتوجيه الجراحين أثناء إزالة الأورام والأنسجة السرطانية.
يعمل الباوندي (62 عامًا، فرنسي المولد وتونسي الأصل) أستاذًا في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT)، ويعمل بروس (80 عامًا، أمريكي) أستاذًا بجامعة كولومبيا في نيويورك، أما إكيموف (78 عامًا، روسي)، فيعمل في شركة «نانوكريستالز تكنولوجي» (Nanocrystals Technology L.P) في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد مُنِحت جائزة نوبل في الكيمياء إلى إكيموف وبروس لاكتشافهما إمكانية تصنيع النقاط الكمومية، وللباوندي عن ابتكاره طريقة تركيبية تجعل النقاط الكمومية قابلة للاستخدام على نطاق واسع.
في أوائل الثمانينيات، نجح أليكسي في تصنيع زجاج ملون ذي تأثيرات كمية تعتمد على الحجم، وجاء اللون من جسيمات نانوية لكلوريد النحاس، وأظهر أن حجم الجسيمات أثر على لون الزجاج عن طريق التأثيرات الكمومية. وبعد بضع سنوات، كان لويس بروس أول عالِم في العالم يثبت التأثيرات الكمومية المعتمِدة على الحجم في نقاط كمومية في محلول كبريتيد الكادميوم. أما مُنجي، فقد أحدث في عام 1993 ثورة في الإنتاج الكيميائي للنقاط الكمومية عالية الجودة؛ حيث طوَّر مُنجي طريقة لصنع النقاط الكمومية بأحجام محددة -بدمج تقنيات تشمل مواد غير عضوية وعضوية فلزية- للتحكم بدقة في كيفية صنع جزيئات أشباه الموصلات، وذلك بإعداد مذيب ساخن من المواد الكيميائية اللازمة لتكوين بلورات يتباطأ نموها بإبعاد الخليط عن الحرارة، وتصبح كلها بنفس الحجم والجودة.
كان لهذا التطور أثرٌ كبيرٌ، فبعد أن اتضحت عملية إنتاج النقاط الكمومية بكفاءة، ومع إمكانية دمجها في مواد بقوامٍ وأشكال وكثافات مختلفة، ازدادت تطبيقاتها، وصار من الممكن استخدامها في تقنيات لا غنى عنها في «وسائل النقل ذاتية القيادة» (Autonomous Transport)، إلى جانب دورها في «الحوسبة الكمومية» (Quantum Computing) التي تستخدم تقنية مشابهة تعتمد على النقاط الكمومية في تصنيع حواسيب تفوق قدراتها الحواسيب الفائقة الحالية.
المصادر:
https://www.nobelprize.org/uploads/2023/10/press-chemistryprize2023.pdf
https://doi.org/10.1038/d41586-023-03048-9