السر وراء تعددية أشكال بيض الحشرات – تتبع الخرائط المدفونة للحصول على الأدلة
بتاريخ 3 من يوليو لعام 2019، نشرت دورية «نيتشر» (Nature) دراسة عللت فيها التفاوت الواضح في أحجام بيض الحشرات، كما نفت ارتباط تلك الظاهرة بمعدل تطوُّر الحشرة أو حجم طُورِها البالغ بحجم البيض، وأكدت على وجود علاقة وثيقة بين تنوّع البيض وعوامل كوسط الحشرة الحاضن للبيض، ومدى جاهزيته لاحتواء الصغيرات. كانت تلك الدراسة بقيادة «كاسندرا إكستڤور» (Cassandra Extavour) الباحثة في جامعة هارفرد الأمريكية.
التفتيش في الخبايا المدفونة
لما كانت المحركات البحثية -على الإنترنت- تحوي الكثير من البيانات المؤرشفة السابق بحثها والبت فيها، ظهرت الحاجة إلى التفتيش في ثنايا هذه النصوص المدفونة وتكوين صورة أشمل عن أسباب تنوّع بيض الحشرات، لذا صَمّم باحثو الدراسة برامج حوسبة مميزة تضمن الجمع بين استخراج وتحليل المعلومات المتعلقة بكل من شكل وحجم بيضات الحشرات داخل تلك المحتويات التي تصل إلى قرابة الألفي ورقة بحثية (تحديدًا 1756 محتوى بحثيًا منشورًا). من هنا جاءت النتائج مؤكدة على أن هذا التنوع المتباين للبيض يُعزّز فرضية التأقلم والتكيّف في البيئة المحيطة بالحشرة كما يضمن لها نمطًا معيشيًا مناسبًا.
وبالمثل، أسفرت العديد من الدراسات السابقة عن نتائج مؤيدة للفرضية السابقة، إذ أشار «جاك بوردير» (Jacques Brodeur) –عالم البيولوجيا في جامعة مونتريال بكندا- وزملاؤه في دراسته المنشورة عام 2016، إلى الدور المميز لحشرة البق (Podisus maculiventrisare) للاستفادة القصوى من ظروف البيئة المحيطة بها؛ فإذا وضعت بيضاتها على السطح الأعلى لأوراق نباتها المضيف، تنتج أنماطًا أكثر قتامة، وبوضعها على الجهة السفلى، تنتج نظائر أكثر سطوعًا، الأمر الذي أكد على صحة فرضيّة تأقلم الحشرة في وسطها المحيط لإنجاح انتقال سلالتها.
تفاني الحشرة في دورها لتعظيم إنتاجيتها
ولإبراز الصورة بشكل أشمل، وتماشيًا مع نتائج دراسة «إكستڤور»، أوضحت «ماري ستودارد» (Mary Stoddard) -عالمة الأحياء التطورية في جامعة برينستون الأمريكية- وفريقها عام 2017 أنه ببحث اثنين من العوامل المعبرة عن أشكال البيضات، وهما التماثليّة والمدارات الدائرية، لأكثر من 47000 نمط لأشكال البيض في الطيور، لوحظ تناسب النمط الشكليّ والقياسي للبيضة مع قدرة الطائر على اتخاذ نمط معين في الطيران، وكذا قدرته على التكيف في وسطه المناسب.
في هذا السياق، يعتمد نجاح الفقس على بعض العوامل الجغرافية والبيئية، منها دور العائل الوسيط في حياة الحشرة وسهولة التقائه. إضافةً إلى ذلك، فإن هناك الكثير من التحديات والمخاطر التي قد يتعرض لها البيض؛ لذا لا تُقدِم معظم الإناث على تقديم أي رعاية إلا بعد إنبات وخروج الفقس.
في تصريح لها لمجلة «ساينس نيوز» (Science News)، قالت «إكستڤور»: «إن التمعن في بيضات الحشرات كوحدات مستقلة، يُزيل الغبار عن التعقيدات المصاحبة لآليات التطور في الحشرات، وقد يضعنا ذلك على مشارف الطريق للكشف عن تلك الآليات المستترة.»
من هنا يتبين لنا أن السر وراء تعدديّة أشكال البيض في نماذج الحشرات، هو المساعدة في إنجاح النسل وضمان انتقال الأجناس أو الأنواع -من خلال خاصية التطور- بطريقة سلسلة عبر التاريخ.