دراسة تسلط الضوء على دور الخلايا المناعية في مكافحة سرطان الكبد

تم تشخيص 905,700 شخص بالإصابة بسرطان الكبد، وتوفي 830,200 شخص بسبب نفس المرض، وذلك على المستوى العالمي في عام 2020 طبقًا لدراسة نُشِرَت في «مجلة أمراض الكبد» (Journal of Hepatology) المختصة بنشر الأبحاث المرتبطة بأمراض الكبد.

يُعد «سرطان الخلايا الكبدية» (Hepatocellular Carcinoma) سببًا رئيسيًا للوفاة في العديد من البلدان؛ إذ يحتل المرتبة الثالثة في قائمة أنواع السرطان المسببة للوفاة في 45 دولة، ويحتل المرتبة الخامسة فيما يقرب من 95 دولة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد الإصابات بسرطان الكبد سيصل إلى أكثر من مليون فرد سنويًا بحلول عام 2025.

أسباب سرطان الكبد

تُعتَبر الإصابة بـ «فيروس التهاب الكبد الوبائي B» (Hepatitis B Virus, HBV) أكثر العوامل المسببة لسرطان الكبد حيث تمثل تقريبًا 50% من الحالات، ويعتبر «فيروس التهاب الكبد الوبائي C» (Hepatitis C Virus, HCV) هو الآخر من أسباب سرطان الكبد. وقد تراجعت معدلات الإصابة بالسرطان بشكل ملحوظ بعد تلقي المرضى لأدوية مضادة للفيروسات، ولكن على الرغم من ذلك يُعد مرضى «التليف الكبدي» (Cirrhosis) الناجم عن الفيروس في منطقة الخطر وعرضة للإصابة بالسرطان. تضم القائمة عوامل أخرى قد تعرض الإنسان للإصابة بسرطان الكبد؛ مثل مرض السكري وشرب الكحوليات.

العلاج المناعي للسرطان

كالعادة، يقوم «الجهاز المناعي» (Immune System) بعمله الطبيعي الذي يشمل تحديد الخلايا غير الطبيعية داخل الجسم وتدميرها، وتُعد الخلايا السرطانية مثالًا لهذه الخلايا. تساهم الخلايا المناعية في منع نمو الورم داخل الجسم؛ حيث تحيط خلايا مناعية بالورم تعرف باسم «الخلايا الليمفاوية المتسللة للورم» Tumor Infiltrating Lymphocytes))، وتمثل «الخلايا الليمفاوية التائية» (T-Cell Lymphocytes) أهم أنواع الخلايا المتسللة للورم. وبالرغم من قدرة الجهاز المناعي على تثبيط نمو الخلايا السرطانية، تمتلك الأخيرة بعض الحِيَل لتفادي تأثيره، وتشمل:

  1. تغييرات جينية تجعلها غير مرئية بالنسبة إلى الجهاز المناعي.
  2. تقوم الخلايا السرطانية بعرض بروتينات على سطحها تثبط عمل الخلايا المناعية.
  3. تقوم الخلايا السرطانية بتغييرات جزيئية وخلوية في النسيج المضيف والتي تقوم بتشويش استجابة الجهاز المناعي لهذه الخلايا.

يشمل العلاج المناعي للسرطان عدة استراتيجيات منها: «نقل الخلايا التائية» (T- Cell transfer Therapy)؛ حيث يعزز هذا العلاج قدرة الخلايا التائية على محاربة السرطان، وفي هذا العلاج يتم سحب الخلايا المناعية النشطة ضد السرطان وتعديلها معمليًا بحيث تكون أكثر كفاءة في مراقبة ومكافحة الخلايا السرطانية.

دور الخلايا التائية في مكافحة سرطان الكبد

نُشِرَت دراسة في مجلة «نيتشر كانسر» (Nature Cancer) تسلط الضوء على الخلايا التائية ودورها الهام في مكافحة سرطان الكبد. توضح الدراسة وجود «استجابةٍ مناعيةٍ مكتسبة» (Adaptive Immune Response)، وتحفيزٍ لنوعين من الخلايا التائية التي لها القدرة على التعبير عن إنزيم «الكولين أستيل ترانسفيريز» (Choline Acetyltransferase)، وهو إنزيم يساهم في تكوين الناقل العصبي «الأسيتيل كولين» (Acetylcholine).

قام الفريق بإحداث تغييرات جينية في خلايا الكبد الخاصة بنماذج الفئران تحاكي التغيرات الجينية التي تسبب سرطان الكبد في الإنسان. تضمنت هذه التعديلات إيقاف جينات مثبطة للسرطان مثل: (PTEN) و(TP53)، وزيادة تعبير الجين المسرطن (MYC). تمت هذه التعديلات باستخدام تقنية «كريسبر» (CRISPR) التي تسمح بإجراء التعديلات بدقة على جينات الكائن الحي، مما أدَّى إلى تطور سريع للسرطان في كبد الفئران.

أجرى الفريق العديد من التجارب لمراقبة الاستجابة المناعية ضد السرطان، حيث لاحظ انتشار وزيادة عدد الخلايا التائية من نوع (CD4+) المساعدة و(CD8+) السامة، وأيضًا خلايا تائية من النوع (CD3+)، بالإضافة إلى «الخلايا المبرزة للمستضدات» (Antigen Presenting Cells, APCs) حول الخلايا السرطانية.

اكتشف الفريق وجود خلايا ليمفاوية تائية تنتشر مع نمو سرطان الكبد وتستحدث التعبير عن الجين المُسمَّى (CHAT) الذي يُتَرجَم إلى إنزيم الكولين أستيل ترانسفيريز، وقد أجرى الفريق مجموعة من التجارب في محاولةٍ لفهم أعمق للدور الذي تقوم به هذه الخلايا في مقاومة سرطان الكبد.

توصل الفريق إلى أن حذف جين (CHAT) يؤدي إلى انحدار في قدرة الجهاز المناعي على تتبع الخلايا السرطانية في الكبد ومراقبتها؛ حيث أظهرت نماذج الفئران التي تفتقر إلى هذا الجين في الخلايا التائية نموًا أسرع للسرطان وانخفاضًا لتجمعات الخلايا المناعية حول الخلايا السرطانية.

تعيد هذه الدراسة النظر في الدور المهمل للخلايا التائية الذي يؤثر على استجابة الجهاز المناعي ضد سرطان الكبد، مما يعزز فهمنا لدور الجهاز المناعي في مكافحة السرطان.



المصادر

1. https://www.cancer.gov/about-cancer/treatment/types/immunotherapy

2. Rumgay, H., Arnold, M., Ferlay, J., Lesi, O., Cabasag, C. J., Vignat, J., Laversanne, M., McGlynn, K. A., & Soerjomataram, I. (2022). Global burden of primary liver cancer in 2020 and predictions to 2040. Journal of Hepatology, 77(6), 1598–1606. https://doi.org/10.1016/j.jhep.2022.08.021

3. Llovet, J.M., Kelley, R.K., Villanueva, A. Et al. Hepatocellular carcinoma. Nat Rev Dis Primers 7, 6 (2021). https://doi.org/10.1038/s41572-020-00240-3

4. Zheng, C., Snow, B. E., Elia, A. J., Nechanitzky, R., Dominguez-Brauer, C., Liu, S., Tong, Y., Cox, M. A., Focaccia, E., Wakeham, A. C., Haight, J., Tobin, C., Hodgson, K., Gill, K. T., Ma, W., Berger, T., Heikenwälder, M., Saunders, M. E., Fortin, J., … Mak, T. W. (2023). Tumor-specific cholinergic CD4+ T lymphocytes guide immunosurveillance of hepatocellular carcinoma. Nature Cancer, 4(10), 1437–1454. https://doi.org/10.1038/s43018-023-00624-w

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى