النباتات الآكلة للحوم .. نباتات من عالم الخيال

الصورة النمطية المعروفة عن النباتات هي أنها كائنات حية لطيفة ومصدر مهم للحياة على كوكب الأرض، إلا أن الأمر مع «النباتات آكلة اللحوم» (Carnivorous Plants) مختلف كليًا.

النباتات الآكلة للحوم هي نباتات تشمل أنواعًا مختلفة من النباتات المزهرة والفطريات التي تأسر وتهضم الفرائس من الكائنات الحية الآخرى. ولأن أغلب فرائسها التي تصطادها هي من المفصليات (Arthropoda)، وبصورة رئيسية الحشرات (Insecta)، تُسمَّى في بعض الأحيان «بالنباتات آكلة الحشرات» (Insectivorous Plants). ولكن بعض الأنواع تصطاد الرخويات، مثل: الدود والبزاق وحتى الفقاريات مثل الضفادع والطيور صغيرة الحجم. وتُصنَّف النباتات آكلة اللحوم على حسب طريقتها في الصيد أو عن طريق نظام تصنيفها الأحيائي أيضًا.

تحصل النباتات على غذائها من العناصر والمغذيات (Nutrients)، مثل النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم، الموجودة في التربة، مع وجود مصدر للضوء والماء، بالإضافة لثاني أكسيد الكربون الذي تحتاج إليه في «عملية البناء الضوئي» (Photosynthesis) التي تمد النباتات بالطاقة. ولكن في حالة كون التربة فقيرة بالعناصر والمواد المغذية الأخرى فهي لا تساعد النباتات على النمو بشكل كافٍ. وتلك هي الحالة مع النباتات آكلة اللحوم، فهي تعيش في بيئة فقيرة بالعناصر الكيمائية والمغذيات، ولذلك تعتمد النباتات الآكلة للحوم -كسائر النباتات الأخرى-على عملية البناء الضوئي لإنتاج غذائها، ولكنها تحتاج إلى النيتروجين والمواد المغذية الأخرى التي لا يمكنها الحصول عليها من التربة الفقيرة، فتتجه للاعتماد على ما تصطاده من فرائسها لتكون مصدرًا إضافيًا ومهمًا لغذائها للنمو بشكل صحي ومتكامل.

وتوجد النباتات المزهرة آكلة اللحوم في بيئات مختلفة؛ فمنها ما يوجد في المستنقعات ومنها ما ينمو في المناطق الرطبة، كما تنمو أيضًا في المياه العذبة، والسبخات الطحلبية، وعلى الأشجار والجذوع القديمة، والتربة الصلبة أيضًا، التي تصبح رطبة موسميًا.

والصفات المشتركة تقريبًا في كل البيئات التي تنمو فيها النباتات اللاحمة (الآكلة للحوم) تتضمن وجود كميات منخفضة من العناصر والمواد الغذائية، ومياه موسمية قليلة الغزارة، وضوء شمس ساطع.

تلك الاختلافات التي تفردت بها تلك النباتات عن باقي الأنواع في مملكتها أثارت إعجاب العلماء وهواة الطبيعة منذ قرون، ولا تزال مصدرًا للدهشة والاكتشاف إلى الآن، ويُقدَّر عدد أنواع النباتات الآكلة للحوم على كوكب الأرض بنحو 700 نوع، ولكنها على الرغم من ذلك نادرة نسبيًا وتشكل نسبة صغيرة من أنواع النبات في العالم.

كيف تصطاد النباتات الآكلة للحوم:

تقوم تلك النباتات الغريبة بإغراء الحشرات للوقوع في فخاخها بأكثر من طريقة؛ منها عن طريق الرحيق أو إطلاق الروائح المميزة أو حتى عن طريق أوراقها الدبقة اللزجة ذات الألوان الجذابة، التي تصبح فخًا للحشرات ومثواها الأخير.

فلنتخذ «مصيدة الذباب فينوس» (Venus Flytrap) كمثال على كيفية استخدام مصائدها؛ فبمجرد هبوط الحشرة، يغلق مشبك “الفكين” على الضحية في جزء من الثانية. يفرز النبات على الفور العصارات الهضمية التي تغرق الحشرة أولًا، ثم تقوم بإذابتها.

تؤدي لمسات وتحركات الحشرات فوق النباتات الآكلة للحوم وبالتحديد فوق الشعيرات الموجودة على سطح النبات إلى إرسال إشارة كهربائية إلى الخلايا الموجودة على جانب المصيدة، وعند إثارتها، تتمدد الخلايا الموجودة على السطح الخارجي للمصيدة على الفور وتتقلص الخلايا الموجودة في داخلها مما يتسبب في إغلاق المصيدة وبداخلها الصيد الثمين!نشاهد في هذا الفيديو كيفية قيام فخ فينوس الطائر أو مصيدة فينوس بصيد فريستها

أنواع المصائد وطرق الصيد:

هناك العديد من أنواع المصائد والفخاخ في عالم النباتات آكلة اللحوم، أشهرها الشراك، والفخاخ اللاصقة، والمصائد الآلية أو الميكانيكية.

لكن من حيث نوع الفخاخ فهناك نوعين رئيسيان وهما «الفخاخ السلبية» (Passive Traps) و«الفخاخ النشطة» (Active Traps). تستخدم «نباتات الإبريق» أو «أكواب القرود» (Pitcher Plants) الفخاخ السلبية؛ فهي لا تتحرك لتصطاد فريستها. وعلى العكس فإن «نباتات الندية» أو «ورد الشمس» (Sundews) ومصيدة فينوس تستخدم الفخاخ النشطة حيث تتحرك النبتة لالتقاط الفريسة وصيدها.

بالنسبة لأشهر أنواع المصائد، فهناك ثلاثة أنواع رئيسية أولها «الشراك» (Pitfalls)، التي توجد في أعداد كثيرة من النباتات المزهرة آكلة اللحوم، حيث تتكون تلك الشراك من أوراق أنبوبية أو صفوف من الأوراق المملوءة بالماء، فيتم اصطياد الحشرة بسقوطها في السائل الذي يحتوي على مادة صمغية وإنزيمات هضمية.وأشهر نوع لها هو النبات الاستوائي (Nepenthes)، الذي يُسمَّى «بنبات الأباريق» أو «أكواب القرد» وهذا المسمى آتٍ من مشاهدة بعض القردة وهي تشرب مياه الأمطار من تلك النباتات. تمتلك تلك النباتات محالق معدلة في أطراف أوراقها تكون على شكل الإبريق، حيث تنجذب الفريسة إلى غدد في حافة الورقة، ومن ثم تلتصق أقدام الحشرة عن طريق مادة شمعية موجودة على القشرة، مما يتتسبب في سقوط الفريسة إلى داخل النبات الذي يحوي سائلًا يتم إفرازه لهضم الفرائس.

في هذه الصورة نشاهد نبات الأباريق (Pitcher Plant)  

وثانيها «الفخاخ الآلية أو الميكانيكية» (Mechanical Traps)، التي تنقسم إلى أنواع كثيرة، لكن أشهرها هي «الفخاخ السريع» (Snap Traps) ومثال عليها هي نبتة «خَنَّاق الذباب» أو «الدَّيُونيا» بالإنجليزية (Dionaea) التي يُطلَق عليها أيضًا اسم فخ فينوس الطائر أو مصيدة فينوس، والمسمى العلمي لها هو (Dionaea Muscipula)، وتعد من أشهر أنواع النباتات الآكلة للحوم. تلك النباتات تعتمد على الحشرات و «العنكبوتيات» (Arachnids) كغذاء لها بشكل أساسي، فهذا النوع من الفخاخ يتم فيه اصطياد الفريسة عن طريق إغلاق سريع لعدد من الفصوص حولها، وعندما يحدث ذلك، تتحرك الفريسة على الشعيرات المسؤولة عن الإحساس -مثل نبضات الأعصاب- لتبدأ عملية الإغلاق، وبعدها يتم القبض على الفريسة بإحكام؛ فكلما تحركت، تفرز الفصوص الموجودة في النبتة حمضًا خلال ثوانٍ، ليساعد في عملية الهضم.

في هذه الصورة نشاهد «فخ فينوس الطائر» أو «مصيدة فينوس»  (Venus Flytrap)مع صيدها الثمين.

أما النوع الثالث فهي «الفخاخ اللاصقة»  (Adhesive Traps)التي تحتوي على سطح دبق أو صمغي مليء بالشعيرات الصمغية. الفخاخ اللاصقة توجد في العديد من عائلات النباتات اللاحمة، ومثال عليها نباتات الندية أو ورد الشمس، فهي تملك شعيرات مكسوة بسائل دبقي يبعث رائحة طيبة تجذب الحشرات، وما إن تعلق الحشرة في السائل، حتى تفرز النباتات الإنزيمات على السطح لتهضمها، وفي العادة يتم الإمساك بالحشرات الطائرة عندما تلتصق بالمادة التي تفرزها الشعيرات التي تغطي أوراق هذه النباتات.

في هذه الصورة نشاهد «نباتات الندية» أو «ورد الشمس» (Sundews) مع فريستها.

المصادر:

https://kids.nationalgeographic.com/awesome-8/article/carnivorous-plants

https://www.washingtonpost.com/news/speaking-of-science/wp/2018/02/07/venus-flytraps-give-insects-that-pollinate-their-flowers-a-break-they-dont-eat-them/

https://www.washingtonpost.com/news/speaking-of-science/wp/2018/02/07/venus-flytraps-give-insects-that-pollinate-their-flowers-a-break-they-dont-eat-them/

https://www.nhm.ac.uk/discover/carnivorous-plants-meat-eaters-of-the-plant-world.html

https://www.carnivorousplants.org/cp/carnivory/what

https://www.britannica.com/plant/carnivorous-plant

https://www.carnivorousplants.org/cp/carnivory/trapping

https://a-z-animals.com/blog/the-top-10-carnivorous-plants-you-wont-believe/https://a-z-animals.com/blog/discover-the-largest-carnivorous-plant-species/

اظهر المزيد

أحمد علاء الدين نوح

تخرّجت عام 2014 في كلية العلوم، جامعة الإسكندرية، تخصص الأحياء الجزيئية والكيمياء. متطوّع في فريقي دار والمكتبة بمؤسسة علماء مصر، ومتطوع أيضًا في مجال صناعة وكتابة المحتوى العلمي وتبسيطه. شغوف بكل ما يخص العلوم، وتحديدًا علم الأحياء. ومؤسس وصانع محتوى صفحة «معلومة 101» على موقع فيسبوك، ومن هواياتي القراءة ومتابعة الأخبار العلمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى