مرض السكري.. القاتل الحلو

صديقي العزيز، في هذا المقال سنستعرض واحدًا من أهم الأمراض المعاصرة، ألا وهو مرض السكري أو البول السكري (Diabetes Mellitus)  وسنتعرف على تاريخ اكتشافه، وأنواعه، ومدى انتشاره ومعدل الإصابة به، وما هي الطرق المستخدمة لتشخيصه، وما هي طرق ووسائل علاجه، وكيف يمكنك الوقاية منه.

ما مرض السكري؟

يحتل مرض السكري المركز السابع عالميًا في قائمة الأمراض المؤدية للوفاة، ففي 2012 بلغت نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بمرض السكري 5 ملايين شخص.

مرض السكري هو مجموعة من الاضطربات التي تحدث في «التمثيل الغذائي» (Metabolism) للكربوهيدرات والدهون في الجسم، وأهم ما يميز مرض السكري هو ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم؛ وذلك نتيجة لقلة إفراز هرمون الإنسولين من البنكرياس وعدم كفاءة الإنسولين في تقليل نسبة الجلوكوز في الدم لمقاومة الأنسجة له. تؤثر زيادة نسبة الجلوكوز في الدم سلبًا على وظائف العديد من الأعضاء كالكُلى، وشبكية العين، والأعصاب الطرفية، كما أن الجلوكوز الزائد في الدم قد يخرج في البول (عند زيادة نسبته عن 180 mg/dl)، ولهذا يسمى المرض بالبول السكري.

أهم ما يميز مرض السكري هو ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم

خروج الجلوكوز في البول يؤدي إلى زيادة كميته (لأن الجلوكوز يزيد الضغط الأُسموزي للبول)، مما يؤدي إلى إحساس المريض بالعطش، كما يؤدي إلى فقدان الجسم للكثير من السوائل وحدوث الجفاف.

تاريخ

توجد بردية مصرية كتبت في 1500 قبل الميلاد واكتُشفت سنة 1862 ميلادية تحتوي على وصف للعديد من الأمراض، من ضمنها المرض الذي يسبب غزارة البول، وربما تكون هذه إشارة إلى مرض السكري!

وجدت مخطوطات هندية كتبت في نفس التوقيت تقريبًا تدل على اكتشافهم لمرض السكري، وأطلقوا عليه «البول العسلي» نتيجة لأن بول المصابين كان يجذب الذباب والنمل!

في سنة 230 قبل الميلاد اكتشف الأطباء اليونانيون المرض وهم أول من أطلقوا عليه “Diabetes”، بمعنى زيادة في كمية البول!

في حوالي سنة 50 بعد الميلاد سجل طبيب يوناني في الإسكندرية يدعى «أريتايوس» أول تشخيص يفرق بين “Diabetes Mellitus” (مرض البول السكري)، ومرض “Diabetes Insipidus” (مرض يحدث فيه أيضًا زيادة في كمية البول نتيجة لعدم قدرة الغدة النخامية على إفراز هرمون يسمي “Vasopressin” أو “Anti-Diuretic Hormone” وهو الهرمون المسؤول عن تقليل نسبة الماء في البول)، وأوضح الطبيب أن الفرق الأساسي هو وجود الجلوكوز في بول مرضى السكري فقط!

في القرون التالية زادت الكتابات التي تصف مرض السكري وأعراضه، وكان أشهرها الكتابات الصينية والهندية، كما شرح ابن سينا المرض تفصيليًا في كتابه «القانون».

في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ازدهرت الاكتشافات العلمية والبحثية، وتطور فهم الأطباء للمرض بعد اكتشاف هرمون الإنسولين سنة 1921-1922.

في سنة 1921 تمكن «فريدريك بانتينغ» جراح العظام وأستاذ الفيسيولوجي بجامعة ويسترن أونتاريو بكندا بمساعدة «جون ماكلويد» أستاذ الفيسيولوجي بجامعة تورنتو بكندا، و«تشارلز بيست» طالب الفيسيولوجي، والمتخصص في الكيمياء الحيوية «جيمس كوليب»، من فصل هرمون الإنسولين واكتشاف علاقته بمرض السكري لأول مرة في تاريخ البشرية من خلال تجاربهم على الكلاب، حيث تمكن هرمون الإنسولين المستخلص من بنكرياس الكلاب من تحسين الحالة العامة وزيادة عمر الكلاب المصابة بالسكري تجريبًا (بعد إزالة البنكرياس جراحيًا).

تجارب «فريدريك بانتينغ» على الكلاب مكنته ورفاقه من اكتشاف علاقة هرمون الإنسولين بمرض السكري لأول مرة في تاريخ البشرية

في عام 1923 حصل بانتينغ وماكلويد على جائزة نوبل لاكتشافهما هرمون الإنسولين، وتقاسم كل منهما الجائزة مع بيست وكوليب. بعد ذلك قامت شركة “Eli Lilly” بإنتاج أول مستحضر للإنسولين وتوزيعه تجاريًا.

مدى الانتشار

توزعة المئوية لمرضى السكر في كل دولة من العالم لسنة 2014 – مصدر الصورة ويكيميديا

يحتل مرض السكري المركز السابع عالميًا في قائمة الأمراض المؤدية للوفاة، ففي 2012 بلغت نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بمرض السكري 5 ملايين شخص.

في عام 2010 بلغ عدد المصابين بمرض السكري حوالي 285 مليون شخص في العالم، ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد ليصبح 439 مليون مصاب في 2030.

تشير الإحصائيات في 2014 إلى أن حوالي 9% من البالغين (أكبر من 18 سنة) مصابون بمرض السكري، وأن 80% منهم في الدول محدودة ومتوسطة الدخل.

دُمتم أصحاء!

المصادر
The Nobel Prize: The Nobel Prize in Physiology or Medicine 1923World Health Organization: DiabetesADA: Statistics About DiabetesChen, L., D.J. Magliano, and P.Z. Zimmet (2011). The worldwide epidemiology of type 2 diabetes mellitus – present and future perspectives. Nature Reviews Endocrinology, 8(4), 228-236.Principles of Diabetes Mellitus (Book). Poretsky L (ed). 2nd Ed. Springer. 2010.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى