عُمر نواة الأرض قد يكون أصغر ممَّا كنا نعتقد!
الكاتب: عمر مجدى
تتكون الأرض حسب تصور العلم الحديث من عدة طبقات متتالية، تبدأ بطبقة خارجية صلبة ثم وشاحٍ لزجٍ بدرجة حرارة مرتفعة، وتنتهي تلك الطبقات بنواة الأرض التي تنقسم إلى لُب خارجي سائل ولُب المركز الداخلي الصلب. ومن المعروف أن عُمر الأرض يتراوح بين أربعة وأربعة ونصف مليار عامٍ؛ فهل يكون لُب الأرض الداخلي في نفس عمر الأرض أم يختلف عنها؟
حتى وقت قريب، كان الاعتقاد السائد أن عمر نواة الأرض الداخلية قد يكون نفس عمر الأرض أو أقل قليلًا، لكن في نوفمبر 2020 نُشِر بحثٌ جديد في مجلة (Physical Review Letters) يقترِح أن عمر نواة الأرض قد يكون مليار عام فقط؛ أي أنه تكوَّن بعد نشأة الأرض بثلاثة مليارات عام، وهذا الاكتشاف يُعدُّ مفاجأةً للوسط العلمي حيث إنَّ لِلُبِّ الأرض الداخلي أهميةً حاسمة في نشأة الحياة على كوكب الأرض واستمرارها.
مركز الأرض يتكون من لُبَّيْن؛ لُب خارجي سائل من الحديد والنيكل المصهورين، ولُب داخلي صلب من عنصر الحديد النقي وقطره أكبر من قطر القمر بأكمله 2,442 كم، ويتكون بعملية مستمرة بطيئة نتيجةً لتبلور الحديد السائل في اللُّب الخارجي ليتحول بعد ذلك إلى حديد صلب في اللُّب الداخلي، وذلك التبلور يتم من الداخل إلى الخارج. ونتيجة لتبلور الحديد المُنصهر تتحرر طاقة تُسمَّى «الطاقة البنيوية» (Compositional Energy)، وهي مصدر طاقة «الدينامو الأرضي» (Geodynamo) وتتسبب في حركة اللُّب الخارجي السائل غربًا حول اللُّب الداخلي الصلب الذي يدور باتجاه الشرق؛ أي يدور كلٌّ منهما عكس اتجاه حركة الآخر، وينشأ نتيجة تلك الحركة المجال المغناطيسي للأرض؛ والذي تتميز به الأرض عن جميع الكواكب الأخرى في مجموعتنا الشمسية، وتكمن أهميته في حماية كوكب الأرض والكائنات الحية من الأشعة الكونية الضارة وبدونه لن يكون هناك أي شكل من أشكال الحياة على كوكب الأرض. لذا فالقول إن اللُّب الداخلي نشأ بعد نشأة الأرض بثلاثة مليارات عام قد يغير مفاهيمنا عن نشأة وتطور الحياة على كوكب الأرض.
ولكن ما التجارب أو الفرضيات التي استند عليها الباحثون لاستنتاج أن عُمر لُب الأرض الداخلي يتراوح بين مليار ومليار وثلاثمائة مليون عام؟
تتطلب معرفة عُمر لب الأرض الداخلي، قياس الطاقة المُتحررة الناتجة من تبلور الحديد نتيجة لانخفاض درجة الحرارة في اللُّب الخارجي، وبمعرفة حجم اللُّب الداخلي، يمكن استنباط المدة الزمنية التي احتاجها اللُّب الداخلي ليصبح بالكتلة الحالية من الحديد الصلب.
ولإتمام ذلك، لا بد من محاكاة لُب الأرض الداخلي بكامل ظروفه من درجة حرارة وضغط، لذلك قام الفريق باستخدام قطعة من الحديد النقي سُمكها 6 ميكرو متر مع رفع درجة حرارتها إلى 2727 درجة مئوية باستخدام تقنية الليزر لمحاكاة درجة الحرارة في باطن الأرض، ثم قاموا بالضغط على تلك القطعة باستخدام قطعتين من الألماس لمحاكاة الضغط الشديد في باطن الأرض، ثم قام الباحثون بقياس التوصيلية الكهربية لقطعة الحديد تحت تلك الظروف، وبمعرفة التوصيلية الكهربية لتلك القطعة يُمكن حساب الطاقة المتحررة الناتجة من تبلور الحديد المنصهر والمسؤولة عن حركة اللُّب الخارجي السائل (أي الطاقة البنيوية).
وبمجرد حساب مُعدل تحرر الطاقة الناتجة من تبلور لُب الأرض الخارجي يُمكننا حساب المُدة الزمنية اللازمة لتكوين كتلة صلبة من الحديد النقي بنفس كتلة اللُّب الداخلي للأرض في الوقت الحالي.
وتقترح النتائج والحسابات السابقة أن عُمر لُب الأرض الداخلي يتراوح بين مليار إلى مليار وثلاثمائة سنة، وهو عُمر صغير مقارنةً بعُمر كوكب الأرض.
المصادر:
1- Zhang, Y., Hou, M., Liu, G., Zhang, C., Prakapenka, V., Greenberg, E., Fei, Y., Cohen, R. and Lin, J., 2020. Reconciliation of Experiments and Theory on Transport Properties of Iron and the Geodynamo. Physical Review Letters,
125(7). https://journals.aps.org/prl/abstract/10.1103/PhysRevLett.125.078501
2- https://www.livescience.com/earth-core-billion-years-old.html