مقدمة عن الطباعة ثلاثية الأبعاد

الكاتب: عبدالرحمن طارق محمد

بدأت تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد أو «تكنولوجيا التصنيع بالإضافة»

(Additive Manufacturing) عام 1981 على يد العالم الياباني الدكتور «هيديو كوداما»

(Hideo Kodama) حيث كان يحاول إيجاد طريقة لتطوير نظام لصناعة النماذج السريعة وقام بتطوير «أسلوب الطبقة تلو الطبقة» (Layer-by-layer Approach) للتصنيع باستخدام سائل حساس للضوء وهو الراتنج والذي يتحول إلى صلب عن طريق الأشعة الفوق بنفسجية. في نفس العام قام «تشارلز هال» (Charles Hull) بتسجيل أول براءة اختراع لـ «الطباعة الحجريّة الفراغيّة» (Stereolithography) وقام بإنشاء أول شركة «3D System» عام 1988.

أيضًا في عام 1988 ظهرت تكنولوجيا «التلبيد الانتقائي بالليزر» (Selective Laser Sintering) على يد «كارل ديكارد» (Carl Deckard) من جامعة تكساس وتُستخدم فيها حبيبات البلاستيك وتظهر تلك الحبيبات بأشعة الليزر الموجهة.

ثم أشهر أنواع الطباعة وهي طباعة «النمذجة بالترسيب المنصهر»

 (Fused Deposition Modeling) على يد العالم «سكوت كرامب» (Scott Crump) وهي التي تعتمد على الطباعة بخيط البلاستيك أو «الفيلامنت» (Filament) لطباعة النموذج [1].

حديثًا عام 1998 ظهرت الطباعة بالمعادن حيث تُصهر حبيبات المعادن وتُحوّل إلى منتج ثلاثي الأبعاد على يد علماء ألمان من نوع «الانصهار الانتقائي بالليزر» (Selective Laser Melting) عن طريق شعاع الليزر [2].

بداية الانتشار

مع ظهور أول «طابعات مفتوحة المصدر» (Open Source Printers) قليلة التكلفة عن طريق «أدريان بوير» (Adrian Bowyer) مبتكر مشروع «RepRap» في فبراير 2004 وانتشاره جماهيريًا مارس 2005 والتي كانت حينها أرخص الطابعات في السوق وكانت تكلف 30,000 يورو [3]، أصبحت تلك الطابعات ذات شهرة واسعة بين الهواة والمصنعين واستمرت في التطور والانتشار ولا زالت إلى وقتنا هذا بسبب قلة تكلفتها وإمكانية صنعها بخامات متوفرة وتكلفة قليلة.

الحجم السوقي للتكنولوجيا

يقدر سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد على المستوى العالمي بـ 13.84 مليار دولار عام 2021 والمتوقع نموه بـنسبة 20.8% خلال الفترة من عام 2022 وحتى عام 2030 [4].

الفرق بين التصنيع بالطرح والتصنيع بالإضافة

تقوم تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد بعمل المجسمات عن طريق الإضافة لا الطرح مثل ماكينات الخراطة والتفريز حيث يقوم «التصنيع الطرحي» (Subtractive Manufacturing) بإزالة أجزاء من المادة الخام للحصول على الشكل المراد، بينما الطباعة ثلاثية الأبعاد تقوم ببناء طبقات من المادة الخام فوق بعضها لبناء النموذج فيقل إهدار المادة الخام بشكل كبير جدًا قد تصل إلى 0%. [5]

كيف تعمل؟

تبدأ بتصميم مجسم ثلاثي الأبعاد عن طريق برامج «CAD» المعروفة ونحفظ المجسم بصيغة «STL – obj» ثم يدخل إلى برنامج «المشرّح» (Slicer) حيث يُقطّع النموذج إلى شرائح رقيقة تبدأ من دقة 25 ميكرون ويُستخرج ملف بصيغة «Gcode» يفهمه المتحكم في الطابعة ثلاثية الأبعاد ويُفعّل المحركات ليحول الملف إلى حركات في الطابعة لبناء النموذج طبقة فوق الأخرى [6]. تخيل عملية تشريح حبة من البطاطس إلى شرائح رقيقة ولصقها فوق بعض لتقوم بتجميع حبة البطاطس كما كانت.

أهميتها في الثورة الصناعية الرابعة

تعد من العناصر الأساسية في «الثورة الصناعية الرابعة» (Industry 4.0) والتي تعتمد على الرقمنة بشكل أساسي، ففي الطباعة ثلاثية الأبعاد يمكنك تبادل المعلومات والتحكم في خط الإنتاج عن طريق الإنترنت حيث يمكنك الطباعة من أي مكان في العالم وتبادل النماذج الرقمية وتعديلها [7]. لا تحتاج إلى مستودعات ومخازن لتخزين النماذج ويمكن طباعتها دائمًا عند الحاجة، فيمكنك عمل مكتبة رقمية تحتوي على مئات الآلاف بل ملايين النماذج الجاهزة للطباعة.

أشهر الأنواع

أولًا: طباعة «النمذجة بالترسيب المنصهر» (وهي أكثرهم انتشارًا)

وفيها نستخدم الفيلامنت فنقوم بإذابته عن طريق «كتلة التدفئة» (Heat Block) ثم يخرج من فتحة الفوهة الضيقة والتي تتراوح من 0.1 مم إلى 1 مم أو أكثر ثم تبدأ عملية الطباعة ببناء الطبقة الأولى من النموذج ثم ترتفع الفوهة بمقدار ارتفاع طبقة إلى أعلى (0.2 مم) ثم ينبثق البلاستيك فوق الطبقة الأولى لعمل الطبقة الثانية وتُكرّر العملية في الطبقات التالية حتى انتهاء المجسم.

وتبدأ مساحة الطباعة من سنتيمترات إلى أمتار في عملية «التصنيع بالإضافة للتنسيقات الكبيرة»

 (Large Format Additive Manufacturing) والتي تستطيع أن تطبع سيارة كاملة في أسابيع [8] [9].

ثانيًا: الطباعة الحجريّة الفراغيّة

وهي تقوم ببناء الطبقات عن طريق تسليط شعاع من الليزر موجه عن طريق مرآة متحركة موجهة باستخدام الكمبيوتر على سائل الراتنج ليتجمد ويرسم أول طبقة ثم ترتفع المنصة بارتفاع سمك طبقة (حوالي 0.1 مم) لتسمح بدخول الراتنج السائل تحت الطبقة المجمدة ثم تُجمّد الطبقة الجديدة على شكل الطبقة الثانية في الطباعة وتُكرّر العملية حتى نحصل على النموذج المراد [10].

ثالثًا: التلبيد الانتقائي بالليزر

وفيها تُستخدم حبيبات البلاستيك كمادة خام ثم يُسلّط شعاع من الليزر عليها ليقوم بصهر الحبيبات لتتحول لمادة شبه سائلة ثم تتجمد سريعًا وبعدها تقوم قاعدة البناء (وهي الوعاء الذي يحتوي المادة الخام) بالنزول مقدار طبقة وتُفرَد طبقة جديدة من حبيبات البلاستيك وتُصهر لتندمج مع الطبقة السابقة وهكذا حتى يتكون النموذج المراد طباعته [11].

رابعًا: الانصهار الانتقائي بالليزر

وهي مشابهة للتلبيد الانتقائي بالليزر ولكن تتم الطباعة باستخدام حبيبات دقيقة من المعدة ويُسلّط شعاع من الليزر أو البلازما على الحبيبات لتقوم بصهرها ودمجها في الأماكن المرادة ثم تُفرَش طبقة أخرى من المعدن وتضاف الطبقة الثانية ثم التي تليها وهكذا [12].

تطبيقاتها

بتطور التكنولوجيا وسهولة التعامل معها ظهرت الطابعات المكتبية والتي تسمح لك بطباعة المجسمات ثلاثية الأبعاد من منزلك. فقط تصمم النموذج أو تقوم بتحميله من على الإنترنت وتقوم بطباعته. ومن التطبيقات الأخرى لتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد طباعة الأطراف التعويضية مثل: الكف، الذراع، القدم، الأصابع، الأسنان، بعض الأعضاء العضوية (الرئة، الأذن، الأنف) وغيرهم، في التعليم، في الأجزاء الصغيرة والمعقدة التي تحتاج لطرق خاصة في التصنيع ومصممة بتقنية «تحسين الطوبولوجيا» (Topology Optimization) والتي تعمل كبديل أخف وأقوى من الأجزاء الموجودة وبعضهم لا يمكن عملها صناعيًا إلا باستخدام تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد والمستخدمة في مجال الطيران والفضاء وسيارات السباق، المجوهرات والفساتين والإكسسوارات، المباني الخرسانية، أزياء الممثلين والأقنعة والإكسسوارات السينمائية، وفي مركبات ناسا الفضائية حتى إذا احتاج رائد الفضاء أداة بمواصفات خاصة أو بديل لأداة موجودة يقوم بطباعتها واستخدامها في الفضاء[13] [14]، كما أدخلت شركة «Koenigsegg» السويدية في سياراتها الفارهة الجديدة أجزاءً باستخدام تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد [15] وسيارة «The Blade» والتي تعد أول سيارة من فئة السيارات الخارقة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد [16].

المصادر

[1] https://www.bcn3d.com/the-history-of-3d-printing-when-was-3d-printing-invented/
[2] Recent Advances and Applications of Thermoset Resins (Second Edition) ISBN: 9780323915540 ,2.17.1.5 Selective laser melting technology
[3] https://reprap.org/wiki/About
[4] https://www.grandviewresearch.com/industry-analysis/3d-printing-industry-analysis
[5] https://m.all3dp.com/2/additive-vs-subtractive-manufacturing-simply-explained
[6] https://www.independent.co.uk/tech/what-is-3d-printing-b1821764.html
[7] https://www.3dnatives.com/en/3d-printing-in-industry-4-0-150220215/
[8] Additive Manufacturing ISBN 978-0-12-818411-0, Page 183
[9]https://www.energy.gov/eere/amo/3d-printed-shelby-cobra
[10] https://all3dp.com/2/stereolithography-3d-printing-simply-explained/
[11] https://www.statista.com/statistics/560304/worldwide-survey-3d-printing-top-technologies/
[12] https://all3dp.com/1/selective-laser-melting-guide/
[13] https://www.forbes.com/sites/forbestechcouncil/2021/10/04/10-exciting-applications-of-3d-printing-that-could-revolutionize-industry-and-society/?sh=39ca1552628b
[14] https://formlabs.com/blog/25-unexpected-3d-printing-use-cases/
[15] https://www.digitalengineering247.com/article/koenigsegg-harnesses-additive-manufacturing-for-the-one1/
[16] https://all3dp.com/2/coolest-3d-printed-cars/

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى